يسألونك عما فقدناه سياسةً؟ أقول بل الفقدُ الحقيقي ظاهر الأثر لا يماري فيه عاقل، وانظر حولك تر!
***
يدفع المجتمع المصري منذ سنوات طوال ثمن تغييب حملة راية الشريعة الإسلامية من المشهد، أولئك الذين شُوِّهوا بغيا وعدوانا، ولقوا أكبر حملات الشيطنة والتشويه التي جرت في تاريخ مصر الحديث، وفي المقابل فُتح الباب على مصراعيه لكل مرذول، وولج في بيوت المصريين كل صاحب كبيرة، في سعي محموم لإعادة إنتاج عصر فاروق وعبد الناصر المشؤوم على ديننا، حينما كادت شرائع الدين تُطمس، بمحو أثر لُباب المنافحين عنها، ثم تطور الأمر منذ سنوات إلى ما يفوق ذلك كله، بموجة هائلة الارتفاع من العُري، وتسابق النساء عليه، وتنافس رجالهن على إظهاره، حتى صار للدياثة والفسوق موسم، يرسخه سنويا الصليبي الأكبر والأكبر ثراء في مصر والشرق الأوسط: نجيب ساويرس!
إننا في زمن يُكرَّم فيه شخص له مقاطع إباحية لم يرجع عنها أو يعتذر لها، ولم يُقبض عليه أو يحاكم، بل حوكِمت الفاسقات اللواتي شاركنه معه ولو بشكل صوري، لكنهن سرعان ما عادت إحداهن لفجورها، وتخرج للناس تهددهم إن حدثها أحد عما فجرت به وصنعته! هذا والشخص يُخرج لنا المزيد من الفجور والفسوق، ثم يُحاضرنا في نفس الوقت عن الفضيلة والهوية المصرية الأصيلة التي ضيَّعها المتطرفون!
إن المجتمع المصري يدفع ثمن عقد هذا المهرجان الملون من صنائع الشياطين، وإبراز سفلة المعممين ولمم العالمين. وإزالة أولئك من المشهد السياسي، على فداحتها، أخف وطأة من محو جهودهم المجتمعية والدينية، إذ كانوا رغم أخطائهم، مصنعا لأصول وثوابت لا يختلف عليها المسلم، من خشية الله، وحب شرعه، وتحري الحلال، وبغض الحرام، وفطرية الولاء للمؤمنين، والارتباط بقضايا المسلمين، والمفاصلة مع رؤوس الكافرين من دول العسف والإهلاك، ورأسهم أمريكا وإسرائيل. كان الإسلاميون يزرعون ذلك بنجاح وصدق، ولا يتلاعبون بالناس في هذا الباب يمنة تارة، ويسرة تارة، كصنيع أولئك الإعلاميين الكذبة، الذين وُصِموا بين الناس بالغش الظاهر، وبهتان الإفك، وتزييف الحق، ونشر الفساد. إن أقل الذي كانوا يُجمعون عليه توطيد رابطة مجتمع الإيمان في القلوب، وجعل القرآن محورا في حياة الأطفال.
إن ما كان يصنعه أولئك قديما، وإن شابه الأخطاء، وانتشر فيه التسطيح، كان أنفع للأمة من رسوم علمية مُزوَّرة، ومؤسسات رسمية مُزوِّرة، تجتهد في احتكار الإسلام لنفع بدعة، ورفع سمعة، وملء جيب، كما كان أنفع من جهودنا، بتشرذمها المحتوم، وعدم ائتلافها المذموم، وما انتشر بسبب فرديتنا من طبع تنافس، وخُلق شاكس، فمثلهم كمثل جهد النحل، نافع لا يطيش، ومنضبط لا يكل، ومُقسَّم لا يبغي، فأين ذلك من جهدنا؟
إننا نسأل الله في نهاية تلك السنة أن يُعجِّل رجوع شموس أمتنا، ويُحرر نجباء مصرنا، وأن يجنِّب بلادنا كل فتنة، ولا فتنة أكبر مما نحن فيه من خراب أخلاقي!
إرسال تعليق