لا يعدو كلام بعض أهل زماننا عن عبد الناصر والسادات في حروبهما مع إسرائيل سوى أكاذيب صلعاء، وأساطير لا أصل لها، وعنتريات هم أولى بالاتهام بها، وتشويه مروع لحقائق تاريخية، وخطابات شعبوية داخلية لا تعدوهم، مع نقولات يسارية منحازة يحسبون أنهم يعمقون بها كلامهم باعتبار أنها (أكاديمية) حتى وإن كان اللون الأحمر يفوح من كل حرف فيها!
ومحور فضح كل هذا هو التناقض، الذي يقعون فيه طوال الوقت بسبب العوار في الأحكام، والجهل بالحقائق أو تدليسها!
عبد الناصر الذي كان يقود أكبر دولة عربية في زمنه حينما يهدد إسرائيل بالحرب محاولة لإيقاف تهديدها بغزو سوريا وعدوانها المستمر عليها هو (جعجاع لا يدري حجمه) وتسبب في هزيمة مصر، أما حسن نصر الله الذي يشن حربا ضد إسرائيل ومن وراءها (لإسناد غزة وإرهاب إسرائيل) وهو في أصغر جيش لدولة عربية ما هدم ميليشاته بالكامل دون مقتل حتى 100 يهودي هو (بطل نادر استشهد) وأخطأ الاجتهاد وصنع ما عليه والحرب لا يستطيع أحد التكهن بنتائجها!
السادات الذي طوَّر الهجوم في حرب أكتوبر في حركة (أخلاقية - حمقاء) لتخفيف الضغط عن جبهة سوريا والجولان ما سبب الثغرة وتداعياتها على مصر هو (خائن وغبي)، أما قادة إيران الذين دخلوا الحرب حقا فقط بعد عام ونصف من إبادة غزة هم (أبطال يحاربون ويضحون)!
إيران يجب أن تبقى - لمصلحة المسلمين - موحدة قوية، وإن فسدت عقيدتها فهي من (أركان الأمة).
أما مصر التي هي ركن أصيل في الشرق كله منذ الأزل، فيجب أن تتحرر ولو (بحرب أهلية) وهدم الدولة!
ولا يفتضح هذا الخطاب المزدوج في شيء قدر المقارنة بين التعامل مع (تركيا - قطر) بلين الناصحين، أو عتاب العاشقين، بينما هو خطاب (تشبيح) ضد مصر وجيشها وسياساتها، حتى وصل الذم والإهانة لشعبها نفسه لا مجرد صناع قرارها فقط!
خطابات متناقضة، عنترية في المعارضة، متسامحة في الموالاة، خنوعة في السلطة!
وإن لم تستفِق هذه الخطابات من أسر حزن وألم المحنة - التي نرجو من الله أن تنتهي - وخلط رغبة الانتقام بالتأريخ وتحليل الواقع، فستظل تائهة متناقضة تردد الخرافات عن يهودية عبد الناصر، وعمالة السادات، بلا أمل في إصلاح داخلي، خاصة مع الاستعلاء بالوعي الزائف الذي زاده الاغتراف الغاشم من أدبيات اليسار النقدي وما بعد الاستعماري غرورا وتيها!
إرسال تعليق