اجتهاد الإمامة جيهان


 

ها قد أوشكَ تحققُّ ما أردنَ!

في وقتٍ قريبٍ، سيُسجَنُ من يتزوجُ بأخرى دونَ إبلاغِ زوجتِهِ الأولى عامًا، ويُغرَّمُ بعشراتِ الألوفِ من الجُنيهاتِ! 

قد اقتربَ أنْ يصيرُ قانونًا هذا الهزلُ!

ستَصيرُ واقعًا تلك النبتةُ الخبيثةُ التي وسوستْ بها جيهان السادات قبلَ أربعةِ عقودٍ للبرلمانِ ورجالِ سلطانِها، إذْ لم تجدْ سبيلًا لفرضِ منعِ التعدُدِ مطلقًا، كما كانتْ ترجو، اقتفاءً لأثرِ الهالكِ بورقيبة، فقبِستْ من اليهودِ حيلَهُم الخبيثَةَ في تعطيلِ أوامرِ الله، وصنعتْ كصنيعِ أصحابِ السبت منهم، ممن بدلوا شرعَ الله بالتذاكي والمكرِ، فأمرتْ أنْ تُعطِّلَ كلُّ زيجةٍ ثانيةٍ إنْ لمْ ترضَ الزوجةُ الأولى! 

فكانتْ جيهان شرَّ خلفٍ لشرِّ سلفٍ!

ولولا أنْ قيَّضَ اللهُ لتلكَ المرأةِ في أيامِها مِنْ أهلِ العِلمِ والشريعةِ مِنْ إسلاميين وأزاهرة وغيرهم، ما كفَّ بِهِ شرَّها، لوقعَ المسلمونَ مُنذُئِذٍ في محنةٍ عظيمةٍ.

وليسَ شرُّ ذلكَ القانونِ مُقتصرًا على ذلكَ!

إذْ كيفَ يكونُ الحالُ إنْ وافَقَتْ الزوجةُ الأولى، ثُم معَ أولِ تقصيرٍ أو خلافٍ معَ زوجِها شكَتهُ وأنكرَتْ عِلمَها بزواجِهِ الثاني؟ ألنْ يُصبحَ عبدَها حينئذٍ؟

ثم ماذا إنْ أرادَ الزواجَ بثالثةٍ ورابعةٍ؟ أيستئذنُ في كُلِّ مَرَّةٍ طابورَ (الحاكماتِ) عليه؟

وماذا عنْ حُكمِ كلِّ امرأةٍ تحتكمُ إلى تلك القوانين المعاديةِ لشرعِ الله؟

ما حُكمُ مثلِها مِمَّنْ سيحتكمنَ للطاغوتِ عمدًا؟

وكمْ مِن امرأةٍ ستهرولُ إلى القضاةِ انتقامًا وإيذاءً لزوجِها؟ 

إنَّ هذا القانونَ ليسَ تعطيلًا للشرعِ فقط، بل تسليحًا للنساءِ بالبغي، وتضييعًا لهُنَّ في الشرعِ!

هذا القانونُ الخبيثُ هو ما مَدَحتْهُ الدكتورة (هبة رؤوف عِزَّتْ) قبلَ أعوامٍ قليلةٍ، في مقالِها (النسوةِ والاجتهادِ)، المنشورِ بالإنجليزيَّةِ، وقد ذكرَتْ فيهِ الفقرةَ التاليةَ:

الذهاب إلى مقالها كاملًا

وتعريبُ ما قالَتهُ هو:

( بدلًا من ذلك [أي بدلًا مِنْ أنْ يُطبِّقُ الإسلاميون الاجتهادات الفقهيَّة المتعلقةِ بحقوقِ المرأةِ]، فإنهم كثيرًا ما عارضوا علنًا بعضَ الإصلاحاتِ المتعلقةِ بحقوقِ المرأةِ، حتى حينما لا تُعارضُ [تلك الإصلاحاتُ]  رؤيةَ الشريعةِ. وهذا ما حدثَ في السبعينياتِ، حينما هاجمَ الإسلاميونَ ما سموه قانونَ (جيهان السادات)، وما يحدثُ الآن في الدولِ العربيَّةِ حولَ مواضيعٍ معقَّدةٍ مثلَ تيسير إجراءات الطلاق، والتحكُّم في التعدُّدِ، وتقييد عملياتِ الطلاق، إلخ).

إنَّ قانونَ (جيهان السادات) -الذي كانَ يقضي بإبطالِ الزواجِ الثاني، فهو ألعنُ مما يُجهَّزُ اليومَ- لم يكُنْ عِندَ الأستاذةِ مُخالِفًا للشرعِ، بل إصلاحًا، حاربَهُ الإسلاميون، الذينَ وصفَتْ خطابَهُم في نفسِ ورقتِها بالآتي:

(بينما بحثَ الخطابُ الإسلاميُّ عنْ الاجتهادِ في المسائلِ المتعلقةِ بالاقتصادِ والسياسةِ بالنظرِ إلى علاقتِهِ بالسلطةِ وتطورِها، فإنَّهُ ظلَّ مُكبَّلًا -فيما يتعلقُّ بمسائلِ المرأةِ- بالتمسُّكِ المتزمِّتِ للتفسيراتِ الحرفيَّةِ للنصوصِ الدينيةِ، وفشلَ في تطويرِ اجتهادٍ يمكنُ أنْ يتعاملَ معَ الظروفِ، والحالاتِ المتفردةِ، والاختلافاتِ والشكوكِ المتصلةِ بتطبيقِ النصوصِ في مواقفِ الحياةِ الحقيقيةِ. بكلماتٍ أخرى، ظلَّ النصُّ (راكدًا / ساكنًا stagnant) ومُغلقًا بدلًا من تنشيطِهِ وإحيائِهِ وتكييفِهِ مع الواقعِ المُتغيِّرِ. وفوقَ هذا، قد تبنوا تفسيراتِ العديدِ مِنَ الفقهاءِ المتقدمين دونَ أيِّ محاولةٍ لتكييفها أو تعديلِها في سياقٍ قانونيٍّ، بتمييِّزِ ما هو ثابتٍ عما هو متغيِّرٍ عبرَ الزمانِ والذي يستلزِمُ مراجعةَ الفقهِ الإسلاميِّ والفتاوى = وهذا أدَّى إلى تقييِّدِ النصِّ بالتفاسيرِ القديمةِ بدلاً من تحريرِها من أجلِ صنعِ قاعدةٍ للتغييرِ والتنويرِ. وعليه، فبدلاً من أن تلعبَ التقاليدُ الفِقْهيَّةُ دورًا تقدميًّا وتنويريًّا = قيَّدَتْ التقاليدُ الفِقهيَّةُ حقوقَ المرأةِ).  

فلعلَّ الدكتورة تسعدُ اليومَ باجتهادِ (الإمامةِ جيهان) وقد قرُبَ أنْ يصيرَ واقعًا، ويصبحُ المسلمُ مهددًا بالسجنِ وتخريبِ الديارِ إنْ لزِمَ الشرعَ!

ها قد تحقَّقَ ما أردتُنَّ أيتُها النسويَّات: قد دنا تعطيلكُنَّ (عمليًّا) شرعَ الله (الظالم) لكُنَّ، وإنَّا عالمونَ أنكُنَّ لن تنتَهينَ إلا وقد قضيتُنَّ (بالاجتهادِ) على كل ما يضايقكنَّ، من تعدُّدٍ وطلاقٍ وغيرهما!

إنما الموعد القيامة!

وحسبنا الله ونعم الوكيل!


فيديوهات سابقة عن د. هبة رؤوف:

قراءة في فكر هبة رؤوف عزت 1

قراءة في فكر هبة رؤوف عزت 2



1 تعليقات

إرسال تعليق

أحدث أقدم